الأدلة من السنة النبوية
الحديث الأول :
حديث البراء بن عازب ـ رضي الله عنهما ـ قال :
«خرجنا مع رسول الله ـ ﷺ ـ في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر، ولَـمَّا يُلْحَد، فجلس رسول الله ـ ﷺ ـ وجلسنا حوله، كأنَّما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود يَنْكُت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: « استعيذوا بالله من عذاب القبر » مرتين أو ثلاثاً، ... قال: « ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك ؟ فيقول: ربي الله، فيقولان :ما دينك ؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له :ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ قال: « فيقول: هو رسول الله ـ ﷺ ـ، فيقولان: وما يدريك ؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت « زاد في حديث جرير » فذلك قول الله ـ عز وجل ـ﴿ يُثَبِّتُ اللهُ الذين آمَنُوا ﴾ ، « فينادي مناد من السماء :أنْ قد صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، وألبسوه من الجنة» قال: « فيأتيه من روحها وطيبها » قال: « ويُفتح له فيها مد بصره » قال: « وإنَّ الكافر » فذكر موته قال: « وتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان: من ربك ؟ فيقول: هاه هاه هاه ،لا أدري، فيقولان له: ما دينك ؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري فيقولان: ما هذا الرجل الذي بُعِث فيكم ؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري، فينادي منادٍ من السماء: أن كذب، فافرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار » قال: « فيأتيه من حرها وسمومها » قال: « ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه » زاد في حديث جرير قال: « ثم يُقَيَّض له أعمى أبكم معه مِرْزبَّة من حديد لو ضُرب بها جبل لصار تراباً » قال: « فيضربه بها ضربةً يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين، فيصير تراباً » قال: « ثم تعاد فيه الروح » أخرجه أبو داود(4753) والإمام أحمد في المسند ( 4/287) والطبراني في الأوسط ( 7/250)وابن أبي شيبة (3/4 ـ 3/14) وصححه شيخنا الألباني في صحيح أبي داود .
الحديث الثاني
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ كان يدعو « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال ». رواه البخاري برقم ( 1377 )ومن حديث أنس برقم(2823) ومن حديث عائشة برقم(6377) ومسلم (589،588).
الحديث الثالث
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ : « أنَّ يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر . قالت عائشة:فسألت رسول الله ـ ﷺ ـ عن عذاب القبر؟ فقال : « نعم، عذاب القبر حق » . قالت: فما رأيت رسول الله ـﷺ ـ بَعْدُ صلى صلاةً إلا تعوذ من عذاب القبر» أخرجه البخاري (1372) وغيره
وفي رواية قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : «دخلت عليَّ عجوزان من عُجُزِ يهود المدينة فقالتا لي: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم فكذبْتُهما ولم أُنْعِم أن أُصَدِّقهما فَخَرجتا ودخل عليَّ النبي ـ ﷺ ـ فقلت له: يا رسول الله إنَّ عجوزين وذكرت له فقال:
« صَدَقَتا إنهم يعذبون عذاباً تسمعه البهائم كلها » . فما رأيته بَعْدُ في صلاةٍ إلاّ يتعوذ من عذاب القبر » أخرجه البخاري(6366) .
الحديث الرابع
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : « جاءت يهودية استطعمت على بابي فقالت: أطعموني أعاذكم الله من فتنة الدجال، ومن فتنة عذاب القبر.قالت: فلم أزل أحبسها حتى جاء رسول الله ـ ﷺ ـ فقلت : يا رسول الله! ما تقول هذه اليهودية؟ قال: « وما تقول؟» قلت: تقول: أعاذكم الله من فتنة الدجال، ومن فتنة عذاب القبر. قالت عائشة: فقام رسول الله ـ ﷺ ـ فرفع يديه مدَّاً، يستعيذ بالله من فتنة الدجال، ومن فتنة عذاب القبر.
ثم قال: « فأما فتنة القبر فَبِي تُفتنون، وعني تُسألون، فإذا كان الرجل الصالح أُجلس في قبره غير فزعٍ ولا مَشْعُوف، ثم يقال له: فيما كنت؟ فيقول في الإسلام. فيقال: ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول: محمد رسول الله، جاء بالبينات من عند الله فصدقناه، فيُفْرجُ له فرجة قِبَل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله، ثم يفرج له فرجة إلى الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: هذا مقعدك منها... وإذا كان الرجل السوء، أُجلس في قبره فزعا مَشْعوفاً فيقال له: فيما كنت؟. فيقول: سمعت الناس يقولون قولاً فقلت كما قالوا، فيفرج له فُرجة إلى الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ماصرف الله عنك، ثم يفرج له فرجة قِبَل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، ويقال له: هذا مقعدك منها، على الشك كنت، وعليه مِتَّ، وعليه تُبعث إن شاء الله، ثم يعذب» أخرجه الإمام أحمد (6/139) وصححه شيخنا الألباني في صحيح الترغيب(3557) .
الحديث الخامس
عن هانئ مولى عثمان ـ رضي الله عنه ـ قال : كان عثمان ـ رضي الله عنه ـ إذا وقف على قبر بكى حتى يَبُلَّ لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا ؟
فقال: إني سمعت رسول الله ـ ﷺ ـ يقول: « القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسرُ منه، وإن لم يَنْجُ منه فما بعده أشدُّ » قال:وسمعت رسول الله ـ ﷺ ـ يقول: « ما رأيت منظراً قطُّ إلا ّالقبر أفظع منه» . أخرجه أحمد في مسنده (1/63) والبيهقي في السنن (4/56)وفي شعب الإيمان(1/359) والحاكم (1/371) وحسنه شيخنا الألباني في صحيح الترغيب (3550). .
الحديث السادس
عن أبي أيوب الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال : « خرج النبي ـ ﷺ ـ وقد وجَبَت الشمس، فسمع صوتاً فقال : « يهود تعذب في قبورها » أخرجه البخاري (1375) ومسلم(2869) .
الحديث السابع
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : مَرَّ النبي ـ ﷺ ـ على قبرين فقال: « إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير » . ثم قال: « بلى، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله » وفي رواية لمسلم « لا يستنزه » . قال: « ثم أخذ عوداً رطباً فكَسَره باثنتين، ثم غرز كلَّ واحد منهما على قبر ثم قال: «لعله يُخفف عنهما، ما لم ييبسا». أخرجه البخاري (1378) ومسلم (292).
الحديث الثامن
: عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ؛ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال «إنَّ أحدكم إذا مات عُرض عليه مقعده بالغداة والعشيِّ، إنْ كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإنْ كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ». أخرجه البخاري(1379،3240،6515) ومسلم (2866)
الحديث التاسع
عن عبد الله يعني ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ ﷺ ـ قال: « أُمِرَ بعبد من عباد الله أن يُضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة، فجُلد جلدة واحدةً، فامتلأ قبره عليه ناراً، فلما ارتفع عنه قال: علام جلدتموني؟ قالوا: إنك صليت صلاة بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره » . أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (3185) وصححه شيخنا الألباني في الصحيحة(2774).
قال الإمام الطحاوي ـ رحمه الله ـ في «شرح مشكل الآثار (8/213) » : « وفي إجابة الله ـ عز وجل ـ دعاءه، ما قد دلّ أنه لم يكن بذلك كافراً، لأنه لو كان كافراً، كان دعاؤه داخلاً في قول الله ـ عز وجل ـ ﴿ وما دُعاءُ الكافرين إلاّ في ضَلال ﴾ [ الرعد:14].
الحديث العاشر
عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله ـ ﷺ ـ «ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر» أخرجه الترمذي ـ صحيح الترمذي ـ(1086) والإمام أحمد (2/169) وحسنه شيخنا الألباني في أحكام الجنائز (35)
الحديث الحادي عشر
عن زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ قال : «بينما النبي ـ ﷺ ـ في حائط لبني النجار، على بغلة له، ونحن معه، إذ حادَتْ به فكادت تلقيه، وإذا أقبرٌ ستة أو خمسة أو أربعة ( قال كذا كان يقول الجريري ) فقال: «من يعرف أصحاب هذه الأقبر» ؟ فقال رجل: أنا. قال: « فمتى مات هؤلاء ؟» قال: ماتوا في الإشراك . فقال: « إن هذه الأمة تُبتلى في قبورها. فلولا أن لا تدافنوا، لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه» ثم أقبل علينا بوجهه فقال: «تعوذوا بالله من عذاب النار» قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار.
فقال: « تعوذوا بالله من عذاب القبر» . قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال: «تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن» . قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قال: «تعوذوا بالله من فتنة الدجال». قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال » أخرجه مسلم (2867) وغيره .
الحديث الثاني عشر
وعن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ قالت: « قام رسول الله ـ ﷺ ـ خطيباً فذكر فتنة القبر التي يُفتتن فيها المرء، فلما ذكر ذلك ضجَّ المسلمون ضجَّة » أخرجه البخاري(1373).
الحديث الثالث عشر
عن عائشة عن النبي ـ ﷺ ـ قال:« إِنَّ للقَبر ضَغْطة ، فلو نَجا أو سَلِم أَحدٌ مِنها لنجا سَعد بن مُعاذ» أخرجه أحمد (6/55، 98)وصححه شيخنا الألباني في الصحيحة (1695) .
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ ﷺ ـ قال « هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة، لقد ضمَّه ضمَّة، ثم فُرِّج عنه » أخرجه النسائي ـ صحيح النسائي ـ (1942) وصححه شيخنا الألباني في الصحيحة (1695) .
الحديث الرابع عشر
وعن أبي أيوب رضي الله عنه : أن صبيًا دُفنَ ، فقالَ ـ ﷺ ـ : « لو أَفْلَتَ أَحدٌ مِن ضَمَّةِ القبر لأَفْلَتَ هذا الصَبي » رواه الطبراني في المعجم الكبير (4/121) وصححه الهيثمي (3/47) ، والألباني في السلسلة الصحيحة (2164( .
الحديث الرابع عشر
عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قالت أم حبيبة زوج النبي ـ ﷺ ـ: اللهم أمتعني بزوجي رسول الله ـ ﷺ ـ وبأبي، أبي سفيان. وبأخي، معاوية. قال: فقال النبي ـ ﷺ ـ « قد سألت الله لآجال مضروبة، وأيام معدودة، وأرزاق مقسومـة، لن يعجل شيئاً قبل حِلِّهِ. أو يؤخر شيئاً عن حِلِّه، ولو كنتِ سألتِ الله أن يُعيذَك من عذاب في النار، أو عذاب في القبر، كان خيراً وأفضل» أخرجه مسلم(2663) . .
وأقول: وهناك أدلة أخرى واقعية ومشاهدة بالحس تدل على عذاب القبر ومنها:ما يرويه بعض الثقات ممن شاهد بعض العصاة والكفرة من قبورهم وكيف كان حالهم عياذاً بالله ومنها أن بعض أصحاب الدواب قديماً كانوا إذا مَغَلَت دوابهم ـ أي أصابها وجع في بطونها ـ ذهبوا بها إلى مقابر اليهود والنصارى لتسمع شيئاً من عذاب القبر؛ فإنها إذا سمعت العذاب حصل لها من الحرارة ما يُذهب ذلك المرض.
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :
«قال بعضهم ولهذا السبب يذهب الناس بدوابهم إذا مَغَلَت ـ أي: أصابها داءٌ في بطونها ـ إلى قبور اليهود ,والنصارى والمنافقين, كالإسماعيلية والنصيرية, وسائر القرامطة: من بني عبيد وغيرهم, الذين بأرض مصر والشام وغيرهما, فإن أهل الخيل يقصدون قبورهم لذلك’ كما يقصدون قبور اليهود والنصارى ... فقد قيل إن الخيل إذا سمعت عذاب القبر حصلت لها من الحرارة ما يذهب بالمغل والحديث في هذا كثير لا يتسع له هذا السؤال». الفتاوي( 4/278) .